عثمان ديمبيلي ولويس إنريكي (غيتي)
مرة أخرى، يواصل باريس سان جيرمان تفوقه على كبار أوروبا. ففي نصف نهائي كأس العالم للأندية، واجه ريال مدريد عاصفة كروية حسمت المباراة خلال 8 دقائق و14 ثانية فقط، بعدما سجل فابيان رويز (د6) وعثمان ديمبيلي (د9) هدفين مبكرين. لكن باريس لم يكتفِ بذلك، فعاد رويز لهز الشباك مرة أخرى (د24) ثم اختتم غونزالو راموس الرباعية (د87) في شباك زميلهم السابق كيليان مبابي. كانت لحظة قاسية على مبابي، إذ لم يبدأ التحول الحقيقي في أداء باريس إلا بعد رحيله، حين تمكن لويس إنريكي أخيرًا من تطبيق فلسفة لعب جعلت من الفريق أحد أقوى الفرق هجوميًا في القارة.
كما تُظهر الإحصاءات، فإن ريال مدريد ليس الضحية الوحيدة. فباريس تفوّق على آرسنال في ربع نهائي دوري أبطال أوروبا بنتيجة إجمالية 3-1 (2-1 ذهابًا، 1-0 إيابًا)، ثم اكتسح إنتر ميلان في النهائي بخماسية نظيفة. وفي كأس العالم للأندية، افتتح البطولة بفوز 4-0 على أتلتيكو مدريد، ثم تغلّب على بايرن ميونيخ 2-0 في نصف النهائي، قبل سحق ريال مدريد. ويستعد لمواجهة تشيلسي في النهائي يوم الأحد، وسط ترشيحات قوية للتتويج.
النتيجة السلبية الوحيدة كانت الخسارة 1-0 أمام بوتافوغو، لكن الفريق تدارك ذلك سريعًا بفوز مريح على سياتل ساوندرز (2-0)، ثم انتصار عريض على إنتر ميامي بقيادة النجم السابق ليونيل ميسي. ومن المفارقات أن ميسي ومبابي، رغم عبقريتهما، لم يكونا ملائمين تمامًا لفلسفة إنريكي، التي تعتمد على الجهد الجماعي والضغط المستمر. كما عبّر اللاعب سيني مايويلو بعد الفوز على ريال: “الجميع يركض ويدافع، سواء مهاجم أو حارس. يمكنك دائمًا سماع صوته خلفنا. عقليّة عدم الاستسلام هي ما أحبّه في هذا الفريق.”
خلال حدث إعلامي في سياتل، قال لويس إنريكي: “حسنًا، يمكننا تصوير وثائقي جديد حول هذا الموضوع”، في إشارة إلى فيديو انتشر قبل مواجهة برشلونة في دوري الأبطال، ظهر فيه إنريكي وهو يطالب مبابي بتحسين ضغطه الدفاعي.
قال إنريكي لمبابي: “أنت نجم عالمي، لا شك في ذلك، لكن هذا لا يكفيني. القائد الحقيقي هو من يقدّم الإضافة حتى عندما لا يسجل. من يوجه زملاءه، ويقود الضغط الجماعي، ويحفز ديمبيلي وكولو مواني وباركولا أو راموس وأسنسيو على الضغط معه… هكذا نصبح آلة جماعية لا تُقهر.”
لكن مبابي لم ينسجم تمامًا مع تلك الفلسفة، وفضّل الانتقال إلى ريال مدريد بهدف الفوز بدوري الأبطال. في المقابل، تعاقد باريس مع الجناح الجورجي خفيشا كفاراتسخيليا، ونجح في التتويج بلقب دوري الأبطال دون مبابي. فكيف حدث هذا التحول؟ يقول إنريكي: “أسعى دائمًا لتطوير لاعبيّ على المستوى الفردي والجماعي. إذا لم تحقق ذلك، فأنت تفشل كمدرب. يجب أن يخرج اللاعبون من مناطق الراحة كي يتطوّروا.”
من دون “نجم أوحد”، تحوّل باريس إلى فريق متكامل هجوميًا. اعتمد إنريكي على ثلاثي هجومي مكوّن من كفاراتسخيليا، ديمبيلي، والنجم الصاعد ديزيريه دوه، دون مهاجم صريح، بل بأجنحة سريعة وقادرة على الضغط والدخول في مواجهات فردية.
إلى جانبهم، يمتلك باريس أسماء قوية على دكة البدلاء مثل باركولا، زائير-إيمري، كانغ إن لي، ومايولو، وكلهم قادرون على بدء أي مباراة في فرق أوروبية كبرى. وفي حالة الحاجة إلى مهاجم كلاسيكي، يملك إنريكي خيار الدفع بغونزالو راموس.
وفي خط الوسط، يعتمد إنريكي على ثلاثي متكامل: جواو نيفيش، فيتينيا، وفابيان رويز، دون أدوار تقليدية، بل بديناميكية كاملة ووتيرة عالية في الأداء. “تحسين الضغط، والتحكم بالكرة… هذه هي الفكرة دائمًا”، يقول إنريكي. فالنظام يعتمد على خلق لحظات ضغط مستمر على خطوط دفاع الخصوم.
هذه هي التيكي-تاكا العمودية: مزيج من التمرير السريع والاستحواذ التقليدي، مع ميل مباشر للعمق، والاعتماد على التمريرات الحاسمة من المنتصف وخلق كثافة عددية في قلب الملعب. أسلوب يشبه الـ”غينغن برس” لكنه بلمسة فنية إسبانية، هدفه واضح: خلق نقاط ضغط وإرباك دفاعات الخصم في كل مناطق الملعب.
باريس سان جيرمان، تحت قيادة إنريكي، يُتقن هذا الأسلوب حاليًا بشكل مثالي.