كريم بنزيما (غيتي)
أحد أكثر المواضيع تعقيده في عالم الرياضة هو اتخاذ قرار الاعتزال. هناك لاعبون، وهم الأغلبية تقريباً، يستمرون في مسيرتهم حتى يجبرهم الجسد أو الكرة على مغادرة الملعب. لكن هناك آخرون، يفضلون الاعتزال في أفضل حالاتهم. كريم بنزيما (36 عاما) يجد نفسه الآن في هذا الموقف. النجم الفرنسي يفكر جدياً في الاعتزال ولا يستبعد أن يكون ذلك في عام 2025، مع انتهاء الموسم الحالي، وفقاً لموقع “ريليفو” الإسباني.
وعلى الرغم من أن الفرنسي الدولي السابق لم يتخذ قراراً نهائياً بعد، إلا أنه يعترف بظهور إشارات تدفعه للتفكير في ذلك. مع سجل حافل بالإنجازات، وبعد موسم ونصف مع نادي الاتحاد السعودي، بدأ يشعر بالإرهاق من الروتين اليومي، مثل التدريبات التي تُقام في المساء (الساعة 19:00)، بسبب ارتفاع درجات الحرارة صباحاً.
بالنسبة للاعب يصل إلى نهاية مسيرته، فإن التدرب يوميا لمدة 90 دقيقة يكون مرهقاً. بالإضافة إلى ذلك، هناك إجهاد ذهني واضح بعد بداية صعبة في النادي. وبجانب ذلك، يتزايد شوقه للعيش في مدريد.
وعلى الرغم من أن نادي الاتحاد أصبح أكثر احترافية مع تعيين رامون بلانيس مديراً رياضياً، ووضع بروتوكولات، وتطوير المرافق، والنموذج الإداري، إلا أن بنزيما واجه تحديات كبيرة عند وصوله إلى الدوري السعودي.
تعرض لانتقادات شديدة بسبب أدائه الضعيف في البداية (لدرجة أنه أغلق حسابه على إنستجرام). تم إقالة مدربه نونو إسبريتو سانتو في نوفمبر، وعاش خلافات حادة مع خليفته مارسيلو جاياردو، الذي طالب بإقصاء النجم الفرنسي، ولكن النادي قرر التخلي عن المدرب بدلاً من اللاعب.
بعد تلك البداية المضطربة، عاد كريم بنزيما إلى التألق. مع تعيين المدرب لوران بلان وتكيفه مع الأجواء في جدة، استعاد مستواه وأصبح ملتزماً بالمشروع. يتصدر قائمة هدافي الفريق برصيد 10 أهداف في 11 مباراة، وهو الثاني في سباق الهدافين في الدوري السعودي، متساوياً مع كريستيانو رونالدو، وبفارق هدفين عن متروفيتش (12 هدفاً). ورغم ذلك، فإن مستواه الحالي لا يمنعه من التفكير في المستقبل وفتح باب الاعتزال.
بينما يرى الاتحاد أن بنزيما قد يعتزل في 2026، عند انتهاء عقده، إلا أن الاعتزال في 2025 لا يبدو مستبعداً. الاعتزال المبكر سيوفر للنادي راتب اللاعب الضخم (حوالي 100 مليون يورو سنوياً)، مع احتمالية بقاء بنزيما كوجه تسويقي للنادي والبطولة، لكن بأدوار محدودة.
المستقبل ما بعد الاعتزال يبدو واضحاً لبنزيما: العودة إلى ريال مدريد. وفقاً لمصادر قريبة، توصل اللاعب والنادي لاتفاق بأن يصبح بنزيما سفيراً عالمياً للريال، خاصة في منطقة الشرق الأوسط. هذا القرار ليس مفاجئاً، نظراً لعلاقته الممتازة مع رئيس النادي فلورنتينو بيريز. بنزيما، الذي يعد ثاني أفضل هداف في تاريخ النادي، يتمتع بمكانة خاصة لدى بيريز الذي لعب دوراً محورياً في مسيرته.
عودة بنزيما للريال ليست مجرد خطوة عاطفية، بل أيضاً جزء من استراتيجية تجارية للنادي، خاصة في منطقة الشرق الأوسط المزدهرة اقتصادياً. النادي يسعى لتعزيز حضوره في المنطقة، كما فعل خلال كأس السوبر الإسباني، حيث عقد ممثلو الريال اجتماعات مع شركات سعودية كبرى.
بينما يواصل بنزيما تقديم آخر لمسات الإبداع على أرض الملعب، يبدو أن مستقبله خارج الملعب قد بدأ يتشكل. بدايةً في السعودية، ومن ثم العودة إلى مدريد، حيث ينتظره دور جديد كأيقونة وسفير للنادي الذي شهد أوج تألقه.