عبد الله وزان (غيتي)
كان هناك فصل أخير لم يُكتب في قصة انتقال لاعب الوسط المغربي الشاب عبد الله وزان (16 عامًا) إلى ريال مدريد كاستيا، والتي تصدرت عناوين الأخبار خلال الأشهر الماضية. كان الجميع ينتظر النهاية، التوقيع الذي من المفترض أن يضع حدًا لكل الغموض الذي أحاط بهذا اللاعب الشاب الذي لا يتجاوز عمره 16 عامًا.
قبل بضعة أشهر فقط، أفادت تقارير صحفية مختلفة أن وزان كان من أبرز جواهر أياكس التي تراقبها الأندية الأوروبية الكبرى. باريس سان جيرمان، ريال مدريد، وبرشلونة، من بين آخرين، تابعوا عن كثب تطور هذا اللاعب الشاب الذي أبهر الجميع بنضجه الكبير في فريق الشباب بناديه أياكس وفي منتخب المغرب للشباب.
وكان ريال مدريد هو من حصل على الأفضلية من اللاعب. حسم فلورنتينو بيريز المعركة الكبرى على هذه الموهبة المغربية، وحقق اتفاقًا مبدئيًا لضم عبد الله وزان. كل شيء كان يسير بسلاسة، وحتى محيط ريال مدريد تباهى بوصول اللاعب وأبرز مؤهلاته، لكن لم يحسب أحد عاملًا غير متوقع: الفحص الطبي.
كان التعاقد معلقًا على اجتياز الفحص الطبي، وهذا لم يكن روتينيًا على الإطلاق. بشكل مفاجئ، لم يجتز عبد الله وزان المتطلبات الطبية لنادي ريال مدريد. وبحسب سرية الفحوصات، اكتفى النادي بالإشارة إلى وجود مشكلة تمنع إتمام الصفقة.
ومن جهة وزان، قيل إن اللاعب قدم تقارير طبية أخرى مستقلة عن النادي تؤكد أنه في حالة بدنية ممتازة لممارسة كرة القدم على المستوى الاحترافي. كانت هذه حالة غريبة جدًا أدت إلى ابتعاد عبد الله عن ريال مدريد.
بعد فترة من الغموض، أكد أياكس أنه توصل إلى اتفاق لإعادة عبد الله وزان إلى صفوفه. هذه المرة كلاعب محترف، حيث وقع لاعب الوسط عقدًا لمدة ثلاث سنوات — وهو الحد الأقصى الذي تسمح به اللوائح. وفي هذه الحالة، أكد الطاقم الطبي لأياكس أن اللاعب مستوفي لجميع الشروط البدنية المطلوبة لإصدار ترخيصه الاتحادي.
وحظي اللاعب الشاب بمتابعة كشافة عدة أندية أوروبية كبرى إنجليزية وإسبانية، خلال تألقه مع المنتخب المغربي بكأس أمم إفريقيا لأقل من 17 سنة، والتي توج بها أشباب الأطلس عقب انتصارهم في النهائي على مالي بركلات الترجيح المثيرة (0ـ0، 4ـ2)، ليدخل هذا الجيل التاريخ كأول منتخب مغربي يتوج بلقب كأس أمم إفريقيا لأقل من 17 سنة.
عبد الله وزان قدم بطولة استثنائية وساهم بهدفين وتمريرتين حاسمتين، واستحق عن جدارة لقب أفضل لاعب في البطولة. ويُعد من أبرز المواهب داخل أكاديمية أياكس.
عبد الله وزان، من مواليد 15 يناير 2009، انضم إلى أكاديمية أياكس قادمًا من نادي “زيبورخيا” في 2016، إلى جانب شقيقه الأكبر زكريا، الذي يشغل مركز المهاجم.
ويُجسّد عبد الله وازان النموذج المثالي للمواهب التي يعمل النادي الهولندي على صقلها بعناية فائقة. وشغل مركزًا أساسيًا في فريق “يونغ أياكس” (الفريق الرديف الذي ينشط في دوري الدرجة الثانية الهولندي – “إيرست ديفيزي”)، وسجّل الموسم الماضي 29 هدفًا وقدّم 10 تمريرات حاسمة. ويدافع عن ألوان أحد أهم خزانات المواهب الكروية في العالم منذ انضمامه إلى الفريق في صيف 2023.
يتمركز عبد الله غالبًا في وسط الميدان، ويتميّز ببنية جسدية قوية وصلابة كبيرة في المواجهات الثنائية، خاصة في الكرات الهوائية. لكن ما يميّزه أكثر من مجرد القدرة على افتكاك الكرة، هو امتلاكه لجودة نادرة: بناء اللعب بتمريرات دقيقة وموجهة. يبحث باستمرار عن التمريرة العمودية ولا يتردد في التسديد من بعيد بقوة. كما أن تعدد مراكزه يمنحه مرونة كبيرة للتأقلم مع مختلف المتطلبات التكتيكية.
في الوقت الراهن، يُجسد وازان نموذج الصبر والعمل الذي تتميز به مدرسة أياكس. حياته اليومية مع فريق “يونغ أياكس”، على أبواب الاحتراف، تمثل مختبرًا حقيقيًا لصقل مهاراته تحت ضغط المنافسات الحقيقية.
عبد الله وزان يجمع بين النضج والمجال الواسع للتطور الفني. مسيرته التكوينية في هولندا واندماجه التدريجي في نادٍ كبير، يُعيد إلى الأذهان مسارات عدد من اللاعبين الدوليين المغاربة، مثل نصير مزراوي.