عثمان ديمبيلي (غيتي)
لطالما ارتبطت مسيرة عثمان ديمبيلي بعدم الاستقرار، فمنذ انتقاله الضخم إلى برشلونة، ظل اللاعب الفرنسي محل جدل، سواء داخل الملعب أو خارجه، حيث أحاطت به العديد من الشائعات حول حياته الشخصية. ولم يسهل عليه أبداً المقارنة المستمرة بالنجم البرازيلي نيمار، إلى جانب قيمة صفقته البالغة 135 مليون يورو، والتي وضعته تحت ضغط هائل، لكنه لم يتمكن من تقديم أداء يرقى إلى حجم التوقعات خلال ستة مواسم مع الفريق الكتالوني.
كان لجماهير برشلونة موقف واضح تجاه ديمبيلي، إذ لم يتمكن من كسب ثقتهم بسبب بروده في الميدان وإهداره للفرص السهلة، حتى وصل الأمر إلى إطلاق صافرات الاستهجان ضده في بعض المباريات. وعلى الرغم من الدعم الكبير الذي قدمه له المدرب تشافي هيرنانديز، الذي قال عنه إنه “يملك الإمكانيات ليكون أفضل لاعب في العالم”، إلا أن خروجه من الفريق في صيف 2023 باتجاه باريس سان جيرمان دفع المدرب نفسه للاعتراف لاحقاً بأن اللاعب كان “خيبة أمل”.
مع باريس سان جيرمان، لم تكن البداية الأفضل لديمبيلي، حيث أنهى موسمه الأول برصيد 6 أهداف و13 تمريرة حاسمة، وهي أرقام لم تكن توحي بانفجاره المتوقع. كما أن موسمه الثاني تحت قيادة لويس إنريكي لم يبدأ بشكل جيد، إذ استبعده المدرب الإسباني من قائمة الفريق لمواجهة أرسنال في دوري أبطال أوروبا لأسباب انضباطية، قائلاً: “إذا لم يلتزم اللاعب بواجباته بشكل جاد، فهو غير مستعد للمشاركة”.
لكن الأمور تغيرت بشكل جذري منذ يناير 2025، حيث تحول عثمان ديمبيلي إلى ماكينة تهديفية لا تهدأ. فخلال أول سبع مباريات خاضها هذا العام، نجح في تسجيل 13 هدفاً، من بينها هاتريك ضد شتوتغارت في دوري الأبطال، ثم هاتريك آخر في مرمى بريست في الدوري الفرنسي، ليصبح بذلك الهداف الأول في الدوريات العالمية منذ بداية العام، رغم غيابه عن ثلاث مباريات.
حتى الآن، تعد أفضل حصيلة تهديفية لديمبيلي في موسم واحد هي 14 هدفاً خلال موسم 2018ـ2019 مع برشلونة، لكنه تجاوز هذا الرقم هذا الموسم بعد أن سجل 21 هدفاً في جميع المسابقات، منها 16 هدفاً في الدوري الفرنسي، ليصبح هداف المسابقة.
وجد لويس إنريكي الحل المثالي لديمبيلي من خلال إشراكه كمهاجم وهمي (رقم 9 وهمي)، وهو مركز بدا وكأنه يناسب اللاعب الفرنسي تماماً، حيث صرح قائلاً: “أحب اللعب كمهاجم صريح، لأنني بعد المراوغة أكون أقرب للمرمى وأتمكن من التسجيل”. هذا التحول منح عثمان ديمبيلي حرية أكبر في التحرك على خط الهجوم، خاصة مع عدم وجود رأس حربة صريح في الفريق، وهو ما أكده بقوله: “نتبادل المراكز كثيراً خلال المباريات، سواء مع ديزيريه دو، أو باركولا، أو كان إن لي”.
وبفضل هذه التعديلات التكتيكية، تمكن المدرب الإسباني من استخراج أفضل نسخة من عثمان ديمبيلي، رغم بعض التوتر الذي حدث بينهما في وقت سابق. ورغم استبعاده في بعض الأحيان، عاد لويس إنريكي ليعترف بأن اللاعب الفرنسي “يمكنه أن يصبح أحد قادة الفريق”، وربما يكون الخليفة المنتظر لكيليان مبابي في باريس سان جيرمان.