مراون سري (غيتي)
قبل أكثر من أسبوع بقليل، ظهر مالك جزئي جديد لنادي داغنهام آند ريدبريدج، أحد أندية الدرجة الخامسة في إنجلترا، على قناة “سكاي سبورتس” وتحدث بحماس عن “حلمه” في الوصول إلى الدوري الإنجليزي الممتاز.
مراون سري، اليوتيوبر ورجل الأعمال المصري، قال إنه يريد أن يصبح نادي داغنهام، الذي يبلغ متوسط حضوره الجماهيري في ملعبه بشرق لندن نحو 1700 متفرج، “النادي الأشهر بين العرب”.
وأضاف: “أنا متحمّس للغاية، أشعر وكأنني طفل يلعب لعبة فيفا على جهاز الألعاب، وفجأة يتحول الأمر إلى واقع”.
رئيس النادي، دانيال هول، هو الواجهة الرسمية في لندن لمجموعة (North Sixth Group) الأمريكية، وهي الشركة التي استحوذت على النادي في مايو الماضي عبر شركتها الفرعية (Club Underdog)، بعد شرائه من مجموعة مستثمرين تضم الحارس السابق لمنتخب الولايات المتحدة، تيم هاوارد.
وفي حديثه عن وصول مراون سري الأسبوع الماضي، أشاد هول بـ “نهضة” كرة القدم المصرية، مشيرًا إلى تجديد عقد محمد صلاح مع ليفربول وانتقال عمر مرموش إلى مانشستر سيتي من نادي آينتراخت فرانكفورت الألماني في يناير، وأكد النادي أن مروان سيجلب “وصولًا عالميًا” لداغنهام.
وتم تعيين سلمى مشهور، وهي مؤثرة اجتماعية أخرى، أيضًا مديرة لتطوير وارتباط النادي. يتضمن حسابها على إنستغرام صورًا لها مع كل من صلاح ومرموش. وقالت إنها ومراون سري درسا الأندية الإنجليزية التي تلعب في الدرجات الأدنى حتى العاشر، وأضافت أن سري كان يريد فريقًا يلعب باللون الأحمر في لندن، لكن الأولوية الفورية كانت ضمان “أن يعرف الجميع في المجتمع” نادي داغنهام.
وأظهرت منشورات النادي على منصة “إكس” التي أعلنت عن وصول الثنائي، والتي تم مشاهدتها 3.2 مليون مرة، مدى تأثيرهما وانتشارهما.
بدت كل هذه الأحداث غريبة بعض الشيء لفريق كان يحتل المركز 21 من أصل 24 فريقًا في الدوري الوطني في ذلك الوقت، وكان يتخبط في أحد المراكز الأربعة المهددة بالهبوط. ولكن بحلول يوم الجمعة، انهار “الاستثمار” الجديد تمامًا، وذلك بعد أن تم الكشف عن منشورات سلمى مشهور على وسائل التواصل الاجتماعي المتعلقة بالصراع بين إسرائيل وغزة، ليعلن مراون سري عن “انسحابه الكامل” من ملكية النادي يوم السبت.
وتحدثت صحيفة “ذا أتلتيك” البريطانية مع عدة شخصيات كانت في قلب هذه الحلقة الاستثنائية، بما في ذلك المدير التنفيذي لنادي داغنهام، ستيف طومسون، ومروان سري، وسلمى مشهور.
وهكذا، استمرت ملكية مراون سرى الجزئية للنادي الإنجليزي خمسة أيام فقط قبل أن تنهار بشكل دراماتيكي.
يمتلك مروان سري أكثر من خمسة ملايين متابع على وسائل التواصل الاجتماعي، وقد أصبحت منصته على يوتيوب “إرزاع” قناة شهيرة بشكل خاص للمتابعين الناطقين بالعربية في مجال كرة القدم العالمية.
قال مراون سري في حديثه مع “سكاي سبورتس”: “الصور النمطية تدور حول العربي الذي يمتلك الكثير من المال، لكنني عربي ولا أمتلك الكثير من المال — لدي خطط للحصول على استثمارات ضخمة في هذا النادي”.
وأضاف: “أريد أن يكون داغنهام النادي الأشهر الذي يدعمه المصريون والعرب في كرة القدم الإنجليزية”.
بدت فكرته في تطوير محتوى حول النادي — وهو ما يشبه الطريقة التي أسر بها ريان رينولدز وروب مكيلهنّي خيال الجماهير في نادي وكسهام — وتقديم داغنهام آند ريدبريدج لأسواق جديدة.
ستيف طومسون، الذي كان جزءًا من النادي على مستوى قيادي منذ عام 1981، أي قبل دمج داغنهام مع ريدبريدج فورست في 1992 والذي أسفر عن تشكيل داغنهام آند ريدبريدج، قال إن مراون سري وسلمى مشهور قاما بتصوير كواليس النادي لعدة أسابيع قبل إعلان الملكية، بما في ذلك مقابلات مع اللاعبين والموظفين في مركز التدريب، فضلاً عن حضور المباريات للتفاعل مع الجماهير والتقاط لقطات.
قال مراون سري لـ “ذا أتلتيك”: “في أول 24 ساعة (من إعلان استثماري في داغنهام)، تم التواصل معي من قبل عدد من المستثمرين وعروض رعاية متعددة — تلقيت عروضًا أولية لصفقات رعاية مختلفة حيث انتشرت الأخبار بشكل فيروسي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وأرادت العديد من العلامات التجارية أن تكون جزءًا من مستقبلنا”.
رفض مراون سري تحديد أي من هذه العروض أو المستثمرين، مشيرًا إلى سرية التفاصيل. ومع ذلك، قال إنه كان في محادثات مع (DAZN)، الشركة التي تمتلك حقوق الإعلام الدولية للدوري الوطني الإنجليزي، موضحًا أن الأفكار كانت تشمل رمز ترويجي للجماهير العربية وصفقات تجارية محتملة لمنصة البث المباشر.
قال طومسون إن الخطة كانت أن يقوم الثنائي بإنتاج حلقة تجريبية لمسلسل وثائقي، “أخذها إلى مصر، لرؤية ما إذا كان هناك اهتمام بذلك والحصول على تمويل”.
رفض كل من مراون سري وطومسون الكشف عن مقدار المال الذي استثمره سري ليصبح جزءًا من مجموعة المالكة، مشيرين إلى سرية التفاصيل. وقال سري إنه تم تقديمه لمساهمي النادي من قبل مشهور، واصفًا إياها بأنها “جزء أساسي من هذه الصفقة منذ اليوم الأول”.
ظهرت منشورات قديمة على وسائل التواصل الاجتماعي لـ سلمى مشهور أثارت موجة من الشكاوى. من بين هذه المنشورات، رسالة على إنستغرام نُشرت في 30 أكتوبر 2023، أي بعد وقت قصير من هجوم 7 أكتوبر على إسرائيل، وما تلاه من ردّ عسكري إسرائيلي.
كان منشورها ردًا على الصحافي البريطاني بيرس مورغان، الذي كانت حواراته مع مناصري القضية الفلسطينية تتضمن بشكل متكرر سؤاله عمّا إذا كانوا يدينون حماس. وكتبت مشهور في منشورها: “الاحتلال يخلق المقاومة، إسرائيل هي من أنشأت حماس، والدفاع عن النفس ليس إرهابًا”.
وأضافت: “إذًا لا، بيرس، لا أدين حماس، بل أدين الاحتلال الوحشي، والفصل العنصري، والانتهاكات للقانون الدولي، والمستوطنات غير القانونية التي تسببت في هذه الإبادة الجماعية! إذا كان هذا هو الإرهاب، فأنتم من صنعه.”
في مقطع فيديو آخر مدته سبع دقائق، وصفت مشهور إسرائيل بأنها “غير شرعية”، وتساءلت عما إذا كانت الهجمات قد وقعت “في التوقيت المناسب تمامًا” لمنح الإسرائيليين عدوًا مشتركًا، في أعقاب احتجاجات داخلية ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وأُطلقت عريضة على موقع (Change.org) يوم الثلاثاء، تطالب بإبعاد كل من مروان سري وسلمى مشهور من نادي داغنهام، بحجة أن “أي دعم لتصرفاتهم لا مكان له في مجتمعنا المتنوع”. وقد جمعت العريضة 558 توقيعًا.
وقال ستيف طومسون إن المنشورات نُقلت إليه بعد ظهر الثلاثاء، أي بعد يوم من الإعلان الرسمي، وصرّح: “وجدت الأمر مثيرًا للاشمئزاز. مع تاريخ النادي وهويته متعددة الثقافات والأعراق، لا يتماشى ذلك مع فلسفتنا. كانت هناك ردود فعل عنيفة للغاية. لدينا عدد من الأشخاص من مختلف الديانات الذين وجدوا أن الأمر خاطئ، وتوصلنا بسرعة إلى أن سلمى لا يمكنها الاستمرار في الدور الذي أعطيناه لها. وجدت الفيديو كله خاطئًا، ولا أظن أنني بحاجة للتفصيل أكثر.”
وأضاف طومسون أن مارغريت مولان، النائبة المحلية عن حزب العمال في داغنهام، تواصلت مع النادي، كما أن أحد المسؤولين في شركة راعية محلية (رفض الكشف عن اسمه خشية التعرض لهجوم إلكتروني) أبلغ النادي عن قلقه، وصرح بأنه كان سيدرس بجدية إيقاف الرعاية في حال بقي كل من سري ومشهور في منصبيهما.
وردّت مشهور عبر بريد إلكتروني لـ “ذا أتلتيك”، مؤكدة أن منشوراتها “لم تكن يومًا تأييدًا لأي شكل من أشكال العنف”. وأضافت:
“كان ذلك تعبيرًا عن الإحباط من الطريقة التي تم بها تحوير دعوات التعاطف مع المدنيين الفلسطينيين الذين يموتون، لتصبح مبررًا للإرهاب. أعتقد أن الإدانة دون سياق هي مجرد استعراض — وأنه لكي نحاول حقًا إنهاء هذه الدوامات من العنف، علينا معالجة وفهم الأسباب الجذرية لها.
كان هذا المنشور ردًا مباشرًا على فقرة في برنامج Piers Morgan Uncensored… أنا مصدومة بشدة من أن كلماتي فُهمت على أنها تأييد للكراهية أو الإرهاب، وهو أمر أرفضه تمامًا. كانت نيتي دائمًا أن أعزز من قيم التعاطف والفهم، وأن العنف يجب أن يُدان عالميًا، لا بشكل انتقائي كما كان يحدث في البرنامج.”
كما أنكرت مشهور ترويجها لنظريات مؤامرة، وقالت: “التعليق يوضح بجلاء أن مشكلتي كانت: ‘لماذا لا تُطرح هذه الأسئلة؟’ لم أذكر آراء شخصية أو أروّج لنظريات مؤامرة — بل طرحت أسئلة كانت متداولة علنًا، وأرى أنها تستحق إجابات جدية.
الأسئلة كانت تهدف إلى دفع وسائل الإعلام لتغطية متوازنة ونقدية. الفيديو يستند إلى مصادر ويتجنب إصدار مزاعم شخصية. جذوري الإنجليزية والمصرية علّمتني احترام وجهات النظر المختلفة، ودراستي للدكتوراه في السياسة عمّقت إيماني بأن النقاشات المنفتحة والمتوازنة والبنّاءة ضرورية لأي أمل في التقدم والسلام. هذا ما كنت أحاول المساهمة فيه.”
ورغم ذلك، لم تكن مشهور بلا دعم. فحتى مساء الثلاثاء، كانت لا تزال تحتفظ بمنصبها في النادي. كما أُطلقت عريضة مضادة على (Change.org) بعنوان: “مروان سيري وسلمى مشهور يبقيان في نادي داغنهام”، وجمعت أكثر من 5,000 توقيع بحلول مساء الأحد، بينما ازدادت حدة السجال على وسائل التواصل الاجتماعي، لتصبح سامة ومليئة بالإساءات من الجانبين.
في مساء يوم الأربعاء 16 أبريل، وبمحض صدفة توقيتية، عقد نادي داغنهام آند ريدبريدج منتدى جماهيري بمقره، وسط عاصفة من الجدل المتزايد حول الاستثمار المصري، ومنشورات سلمى مشهور، وتراجع أداء الفريق في الملعب.
وبينما كان التركيز في البداية على التصريحات المثيرة للجدل لسلمى مشهور، سرعان ما بدا أن استياء الجماهير أعمق من ذلك، إذ ربط كثيرون هذه القضية بأداء الفريق السيئ، الذي يواجه شبح الهبوط إلى الدرجة السادسة من الدوري الإنجليزي، في الوقت الذي يطلق فيه المستثمر المصري مروان سري وعودًا ببلوغ الدوري الإنجليزي الممتاز، ما اعتبره البعض أحلامًا وهمية لا تتناسب مع الواقع.
جويل بايج، أحد كبار مشجعي النادي، تحدث في المنتدى الذي حضره المدير التنفيذي ستيف طومسون ورئيس النادي ستيف هال، وقال: “كان اللقاء متوترًا للغاية، وكان من المتوقع أن يكون متفجرًا بأي حال، لكن الاستثمار المصري زاد الطين بلّة… كان فوضويًا، أشبه بالفوضى العارمة، حيث فاضت المشاعر.”
ورغم أن بايج لم يدلِ برأي في منشورات مشهور لعدم معرفته الكافية بالصراع في غزة، إلا أنه صبّ جام غضبه على تصريحات سري التي وصفها بأنها “سخيفة”، قائلًا: “كيف يقول إنه لا يملك الكثير من المال، ثم يعدنا بالوصول إلى البريميرليغ؟ أو أن سبب إعجابه بالنادي هو أننا نرتدي الأحمر ونقع في لندن؟ هذه مجرد وصفة لكارثة لا نريد أن نرتبط بها.”
من ناحية أخرى، شهدت صفحات النادي على وسائل التواصل الاجتماعي تضخمًا هائلًا؛ حيث صرّح سري أن عدد متابعي إنستغرام قفز من 13,000 إلى 315,000 في غضون يومين من الإعلان. لكنه اختفى فجأة نهاية الأسبوع، قبل أن يعود مجددًا يوم الإثنين برسالة: “عدنا يا أصدقاء!” مع عدد متابعين بلغ 59,000.
لكن بايج أوضح أن المنصات أصبحت ساحة قتال رقمية لطرح الآراء بشأن الشرق الأوسط، مضيفًا: “ظهر ما يشبه أتباع لمروان سري، يزعمون أن هذا ناديهم الآن، وأننا أصبحنا ناديًا عربيًا. صحيح أن وسائل التواصل ليست الواقع، لكنها أصبحت وسيلة غير متاحة للتواصل مع نادينا.”
وأضاف: “نحن نادٍ صغير يصارع الهبوط، والتفاعل على تويتر وغيره مهم جدًا لنادٍ مجتمعي، لكننا حُرمنا منه.”
سلمى مشهور، التي كانت تأمل في حضور المنتدى لتوضيح موقفها، كشفت عبر بريد إلكتروني لـ “ذا أتلتيك” أنها مُنعت من المشاركة، قائلة: “تمت إقالتي دون أي حوار، رغم أنني ذهبت إلى المنتدى بنية حسنة لأتحدث مباشرة مع المشجعين وأوضح أي سوء فهم. أخبرني ستيف طومسون أنه يعتقد أنني ‘رحلت’، ولم يُمنح لي أي فرصة للرد أو الدفاع عن نفسي. ثم طُلب مني مغادرة الملعب قبل وصول الجماهير لأنه ‘قد يكون الأمر خطيرًا عليّ’.”
لكن طومسون علّق قائلًا إن مشهور لم تكن يومًا موظفة رسمية في النادي، ولم يكن لها عقد أو اتفاق مالي، ولا استثمار مباشر في النادي أو مجموعته المالكة. رغم ذلك، فقد أعلن حساب النادي على إنستغرام قبل 48 ساعة فقط عن تعيينها كـ “مديرة للتنمية والمشاركة”.
وأكد طومسون أنه ناقش معها الوضع لمدة نصف ساعة قبل المنتدى، وأخبرها أن موقعها أصبح “غير قابل للاستمرار”، لأن وجودها بات يمثل تشتيتًا، رغم رغبتها في التحدث مباشرة مع الجماهير. ووفقًا له، اختارت مشهور المغادرة بنفسها، لكنه لم ينفِ أن اللقاء لم يكن مهيّأ لنقاشات دقيقة أو هادئة.
مشهور رفضت الإدلاء بأي تصريحات إضافية بعد ذلك، بناءً على نصيحة قانونية من محاميها.
وأفاد أحد المسؤولين في شركة راعية للنادي بأن المنتدى كان “الأكثر سمّية على الإطلاق” من حيث الأجواء. وبدأت التوترات تتصاعد منذ اللحظة الأولى، حين اكتُشف أن المدرب لويس يونغ (شقيق لاعب مانشستر يونايتد السابق أشلي يونغ) لم يحضر اللقاء، إذ قالت الإدارة إن تركيزه يجب أن ينصب على المباريات المقبلة. الجماهير لم تتقبل ذلك، وأطلقت صيحات استهجان، خاصة بعدما شبه سري امتلاكه للنادي بلعبة فيديو، مما أثار غضب أحد الحاضرين الذي قالها صراحة: “لسنا في بلايستيشن.”
في خضم الأحداث المتسارعة بنادي داغنهام آند ريدبريدج، خرج المستثمر المصري مروان سري عن صمته مجددًا ليرد على الانتقادات، خاصة ما تعلق بتصريحه الشهير حول لعبة “فيفا” خلال ظهوره على قناة “سكاي سبورتس”. وقال سيري لموقع “ذا أتلتيك“: “تعليقي حول فيفا خلال مقابلة سكاي سبورتس جاء كأول سؤال في مقابلة طويلة وجادة. كنت أحاول كسر الجليد وتذكّر من أين بدأت رحلتي. للأسف، القناة عرضت فقط 10% مما قلته”.
وأكد مراون أنه تابع المنتدى عن بُعد، مشيرًا إلى شعوره بأنه “عومل بظلم”، وأضاف: “لم تُمنح لي فرصة للتعبير عن نفسي أو عن آرائي.”
أما سلمى مشهور، فاستنكرت الطريقة التي تم بها “تحريف” منشوراتها”، قائلة عبر البريد الإلكتروني الذي أرسلته “لذا أتلتيك”: “الطريقة التي تم بها تصوير منشوراتي هذا الأسبوع أدت إلى سيل من الإساءات والاتهامات الصادمة، بل وتحذيرات من حضور المباريات لأسباب أمنية. هذه التجربة أثرت بي شخصيًا ومهنيًا، لكنني أكنّ كل الاحترام لنادي داغنهام آند ريدبريدج، ولكل من يملكه ويشجعه. لن أسمح لأفعال بعض الأفراد أن تغيّر نظرتي للمجتمع ككل، كما أنني أرفض إطلاق أحكام عامة كرد فعل على حالات فردية من السلبية.”
في يوم الخميس، نشر نادي داغنهام آند ريدبريدج بيانًا رسميًا عبر حسابه على منصة إكس، جاء فيه: “بيان رسمي: قرر نادي داغنهام آند ريدبريدج إزالة سلمى مشهور من منصب مديرة التطوير والتواصل، وذلك بأثر فوري.”
لكن سلمى مشهور أكدت لموقع “ذا أتلتيك” أنها لم تُبلّغ مسبقًا، بل اكتشفت القرار من خلال منشور النادي على مواقع التواصل.
أما مروان سيري، فقال إنه لم يُخطر بالقرار، ولم يُبلّغ بأي مخاوف تتعلق بموقفها أو محتوى منشوراتها على وسائل التواصل، مضيفًا: “تفاجأت تمامًا بقرار إقالتها، وعرفت به مثل الجميع من خلال وسائل التواصل.”
قرار الإقالة فجّر موجة جديدة من الانتقادات، حيث حصد منشور النادي على موقع “إكس” أكثر من 11 مليون مشاهدة حتى يوم الإثنين، واضطر الحساب لغلق التعليقات بسبب ردود الفعل الغاضبة للمتابعين العرب لمراون سري.
في اليوم نفسه، نشر مراون سري مقطع فيديو يظهر فيه مع سلمى مشهور وهي تبكي في الخلفية، وقال فيه إن إقالتها كانت “غير مقبولة”، مضيفًا أنه “لن يصمت” عن الأمر. كما دعا الجماهير إلى مقاطعة مباراة الفريق الحاسمة أمام إيبسفليت يونايتد يوم الجمعة، متعهدًا بتعويض من يقاطع. ومع ذلك، بلغ الحضور الجماهيري 1,747 متفرجًا، وشهد اللقاء فوز داغنهام بهدف دون رد.
في ختام أسبوع مشحون بالأحداث، حاول المدير التنفيذي ستيف طومسون أن يخفف من وطأة الموقف بتعليق ساخر، مشيرًا إلى أن الأزمة الحالية “تُصنَّف ضمن أسوأ كوارث العلاقات العامة”، مضيفًا: “ربما تنافس فضيحة كيرت زوما”، مدافع نادي وست هام المجاور، والذي ظهر في مقطع فيديو عام 2022 وهو يركل قطة، في حادثة صوّرها شقيقه يوان زوما، لاعب داغنهام آنذاك.
ورغم كل شيء، دافع طومسون عن قرار النادي بمحاولة استكشاف مصادر دخل جديدة، قائلاً: “إذا كنا نمتلك الآن، بفضل العصر الرقمي، الإمكانيات للوصول إلى مناطق أخرى من العالم، وإذا استطعنا أن نجعل ذلك ذا صلة، فمن المنطقي أن يُشجّع النادي على هذا التوجه.”
لكن المشجع جويل بيج كان أكثر تشاؤمًا، وقال: “الأمر بدا وكأنه حيلة تسويقية. هل نادٍ في الدرجة الخامسة يحتاج فعلًا للتواصل مع جماهير ناطقة بالعربية؟ كلها شعارات مثل ‘رواية القصص’ و’الهوية الرقمية’، لكنها في الجوهر بلا معنى حقيقي.”
وأضاف: “لقد وجدنا أنفسنا في قلب عاصفة لا معنى لها. ما الفائدة الفعلية؟ ربما بعض الرعاية، لكن على حساب فقدان هوية النادي؟ هل كان الأمر يستحق، خصوصًا أن الشخص الذي أطلق هذا المشروع اعترف بأنه لا يملك أموالًا ضخمة؟ لم نكن سنحصل على استثمار بالملايين.”
وفي يوم السبت، كتب مروان سري عبر حساباته في وسائل التواصل: “أعلن رسميًا انسحابي الكامل من ملكية نادي داغنهام آند ريدبريدج، وإلغاء مشروع الاستثمار في النادي. لن نُساوم على مبادئنا.”
ورفض سري الإفصاح عمّا إذا كان سيستعيد أيًّا من أمواله التي قد يكون استثمرها في النادي.
لكنه شكر متابعيه على دعمهم، وأكّد أنه وسلمى مشهور سيظلان متمسكين بمبادئهما، وأنه يتم النظر حاليًا في اتخاذ إجراءات قانونية. وقال: “ما زلت أبحث عن فرصة للاستثمار في نادٍ بريطاني آخر مستقبلاً. أفهم حجم التأثير الذي أملكه والمسؤولية التي تترتب عليه.”
ودعا سري متابعيه إلى: “الامتناع عن الرد على أي تعليقات عنصرية أو استفزازية، والابتعاد عن خطاب الكراهية أو الإساءات”، وذلك عبر مقطع فيديو نشره على حساباته.
وفي يوم الأحد، نظّمت شبكة تضامن فلسطين في ريدبريدج وقفة احتجاجية عاجلة أمام ملعب النادي، وكتبت عبر تويتر أن “حملة صهيونية” استهدفت سلمى مشهور. كما حملت ملصقات الوقفة شعار: “الخناجر ضد العنصرية”. وأفيد بأن مسجدًا محليًا تواصل مع النادي لتقديم شكوى.
ثم جاء يوم الإثنين، حيث سقط الفريق في فخ التعادل السلبي أمام براينتري تاون، ليبقى ضمن مراكز الهبوط.
في تجسيد صارخ لما يعيشه العصر الرقمي، يجد نادي داغنهام آند ريدبريدج نفسه اليوم محاصرًا بالاتهامات من جميع الجهات. إدارة تائهة، جماهير غاضبة، قضية رأي عام، وانقسام يتعمّق يومًا بعد يوم، في نادٍ لا يعرف إلى أين يسير مستقبله.