فلورنتينو بيريز وأنس الغراري (غيتي)
عند التفكير في ريال مدريد، لا بد أن يخطر ببالنا فلورنتينو بيريز. رجل الأعمال اللامع ومهندس بعض من أفضل فرق ريال مدريد في تاريخه، الرئيس الرمزي للنادي الملكي يثير الإعجاب والاحترام، وأحيانًا حتى الرهبة.
ومع ذلك، رغم كونه المسؤول الأول عن النادي العاصمي الإسباني، كثيرًا ما يُعتقد خطأً أنه يدير الفريق يوميًا وأنه يقف وراء جميع القرارات المتخذة داخليًا. وهذا بعيد جدًا عن الحقيقة، حيث يتدخل بيريز فقط في الملفات الكبيرة، كما كان الحال في قضية كيليان مبابي، أو في ملف مدرب ريال مدريد القادم. غالبية التعاقدات أو القرارات المتعلقة باللاعبين الشباب تقع أساسًا تحت إشراف المقربين منه، الذين يتكونون من يده اليمنى والمدير العام خوسيه أنخيل سانشيز، والمسؤول عن التعاقدات جوني كالفات، ومدير كرة القدم سانتياغو سولاري.
على صعيد آخر، يتم تمجيد بيريز أو انتقاده أحيانًا بسبب اختيارات قد لا تكون قد اتخذت بيده. وفي السنوات الأخيرة، بدأ رجل آخر يكتسب نفوذًا داخل النادي: أنس الغراري. اسم غير معروف عمومًا للجمهور العريض، لكن هذا المالي البالغ من العمر 40 عامًا، والذي وُلد في الدار البيضاء بالمغرب وترعرع في فرنسا، هو رجل ذو تأثير كبير على فلورنتينو بيريز. تجدر الإشارة إلى أن كلا الرجلين يعرفان بعضهما البعض منذ طفولة أنس الغراري، حيث كان والده من كبار رجال الأعمال في مجال البناء بالمغرب، وكان قد عمل على العديد من المشاريع مع بيريز. حتى بعد وفاته، استمر التواصل بينهما. وقد بنى الغراري مسيرته المهنية في مجال البنوك، وكان انتقاله إلى مدريد للعمل في مجموعة أبناك “سوسيتيه جنرال” الفرنسة قد قربه أكثر من رئيس ريال مدريد، حيث كان بيريز يعتمد بشكل رئيسي على هذه البنك لتمويل عمليات النادي المختلفة. كما أن أنس الغراري قد أنقذ بيريز في لحظة صعبة عندما كانت شركة بيريز “ACS” تمر بأزمات مالية، وهو ما عزز العلاقة والثقة بينهما.
بعكس الكثير من الشخصيات في مجاله، يبتعد الغراري طواعية عن الأضواء ويفضل البقاء في الظل. بعد أن غادر مجال البنوك وعمل في الاستشارات – وكان له دور كبير في بعض العمليات داخل ريال مدريد، مثل تجديد ملعب سانتياغو برنابيو – بدأ اسمه يتداول قليلًا في وسائل الإعلام عندما تم إطلاق مشروع السوبر ليغ الأوروبي. ببساطة، إذا كان فلورنتينو بيريز ونظيره في برشلونة خوان لابورتا هما الوجهان لهذا المشروع المثير للجدل، فإن أنس الغراري هو المؤسس والمخطط العقلي لهذا المشروع. فقد كان هو من قام بتنسيق الاتصال بين الأندية ودراسة الجوانب المالية لهذه المنافسة الطموحة. وللتوضيح، فقد ساعد أيضًا برشلونة من الناحية المالية، بناءً على نصيحة بيريز، حيث كان الأخير يدرك أنه من أجل مصلحة ريال مدريد، يجب أن يكون له خصم قوي ومؤثر.
يُوصف الغراري بأنه رجل ذكي، مجتهد، متعلم، مليء بالموارد، ويُعتبر شخصية محبوبة داخل ريال مدريد. وبالتالي، فهو ليس مجرد “ابن روحي” لفلورنتينو بيريز، بل هو شريك تجاري حقيقي وموثوق. كما أن بيريز يُعتبر رجلًا لا يثق بسهولة بأحد، ووجود أنس الغراري في محيطه المقرب يعكس مدى ثقة بيريز فيه. على الرغم من أنه لا يحمل منصبًا رسميًا داخل النادي، إلا أنه بدأ يكتسب تأثيرًا على بعض القرارات، وأصبح له دور أكبر في توجيه مسار النادي.
خلافة بيريز؟
يذهب بعض وسائل الإعلام إلى حد القول إنه يعد المرشح الأوفر حظًا لخلافة بيريز في رئاسة ريال مدريد. وعلى الرغم من أن بيريز البالغ من العمر 77 عامًا قد بدأ فترة جديدة في رئاسة النادي، فإن المؤشرات تشير إلى أن هذه قد تكون فترته الأخيرة، حيث يُتوقع أن يكون هناك رئيس جديد في 2029.
وفقًا لصحيفة “ماركا”، يطمح بيريز إلى أن يترك النادي في أيدٍ أمينة، ويعتبر أنس الغراري مرشحًا مثاليًا لقيادة الفريق في المستقبل. المشكلة الوحيدة تكمن في ضرورة أن يكون الرئيس إسباني الجنسية، لكن بيريز يمتلك السلطة لتغيير القوانين في هذا الصدد.
عدم شهرة أنس الغراري بين الجمهور العام، مقارنة بلاعبين سابقين مشهورين، قد يكون نقطة ضعف بالنسبة له. ولكن بفضل سيرته الذاتية الرائعة، ودعمه من بيريز، وإمكانية تعديل معايير الترشح لرئاسة النادي، فإن الغراري قد يكون لديه خيارات قوية.
ومن المؤكد أن الغراري يُعد ليكون عمودًا أساسيًا في ريال مدريد بعد رحيل بيريز. في الواقع، يعمل الاثنان على تغيير نموذج النادي، وتحويله من نادي يعتمد على الأعضاء إلى نموذج أكثر حداثة يسمح بجذب رؤوس الأموال الخارجية، بينما يبقى للأعضاء الحق في المشاركة. هذه مهمة معقدة قد لا تحظى بشعبية كبيرة، لكنها تمثل التحدي الأكبر لهما في السنوات القادمة. ومن دون التطلع بعيدًا جدًا، سيكون من المثير للاهتمام معرفة مدى تأثيره هذا الصيف، خاصة مع الأشهر المقبلة في يوليو وأغسطس التي من المتوقع أن تشهد تحركات كبيرة في إعادة بناء الفريق.