428 مليون يورو على قلوب الدفاع.. لماذا يشتري جوارديولا المدافعين أكثر من المهاجمين؟

إذا كان الشتاء قارساً، فهو أكثر برودة على فرق مثل مانشستر سيتي. الفريق المعتاد على الانتصارات عاش فترة صعبة بين نوفمبر، وديسمبر، حيث فشل في الفوز في 11 من أصل 12 مباراة. تحسن الأداء في الأسابيع الأخيرة، لكن الهزيمة أمام باريس سان جيرمان عقدت موقفه في سباق التأهل لثمن نهائي دوري أبطال أوروبا.
لم يتحرك مانشستر سيتي كثيراً في سوق الانتقالات الصيفية الماضية، لكنه عوض ذلك في الشتاء الحالي. حتى الآن، أبرم النادي ثلاثة تعاقدات: المصري عمر مرموش من آينتراخت فرانكفورت، الأوزبكي عبد القادر خوسانوف من لانس، والبرازيلي فيتور ريس من بالميراس.
يعد هذا أكثر سوق انتقالات شتوي إنفاقاً للنادي منذ تولي بيب جوارديولا القيادة الفنية، حيث أنفق السيتي 152 مليون يورو، أي أكثر من ضعف الرقم القياسي السابق الذي كان 65 مليون يورو عند ضم إيمريك لابورت في يناير 2018.
بيب جوارديولا وولعه بالمدافعين
في تصريحاته حول الوافدين الجدد، قال بيب جوارديولا: “فيتور ريس شاب يمتلك شخصية كبيرة لكنه بحاجة إلى الوقت”، أما عن خوسانوف فقال: “أراه أكثر جاهزية، نظراً لمشاركته في الدوري الفرنسي أمام لاعبين أقوياء وسريعين، لكنه لا يجيد الإنجليزية كثيراً”.
يبدو أن هذا التركيز على الدفاع ليس جديداً على المدرب الإسباني، إذ أنه تعاقد مع 11 قلب دفاع منذ قدومه إلى مانشستر سيتي في 2016، أي أن نسبة المدافعين تمثل 23.81% من إجمالي صفقات الفريق خلال تلك الفترة. وعلى عكس تجاربه السابقة، لم يكن شغفه بالتعاقد مع المدافعين بهذا الشكل عندما كان في بايرن ميونيخ، أو برشلونة.
الإنفاق على قلوب الدفاع يعكس هذه النزعة بشكل أوضح، حيث أنفق مانشستر سيتي 428.3 مليون يورو على هذه المركز وحده، وهو مبلغ يتجاوز بكثير ما تم استثماره في بقية المراكز الدفاعية (219.45 مليون يورو)، كما أنه أكبر حتى من إجمالي ما أنفقه النادي على مراكزه الهجومية (386.59 مليون يورو)، أو على خط الوسط (317.6 مليون يورو).
تطور أسلوب بيب جوارديولا: نهاية عصر الأظهرة التقليدية
شهدت فلسفة جوارديولا التكتيكية تطوراً واضحاً عبر السنوات، حيث تراجع اعتماده على الأظهرة التقليديين. قبل خمسة أعوام، كان يملك أربعة أظهرة هم جواو كانسيلو، كايل ووكر، بينجامين ميندي، وأوليكسندر زينتشينكو، أما بعد الميركاتو الشتوي الحالي، وبعد رحيل ووكر، لم يتبق سوى ريكو لويس، الذي يلعب كثيراً كلاعب وسط أيضاً.
هذا التحول انعكس أيضاً في عدد المدافعين الذين يشارك بهم السيتي في التشكيلة الأساسية. ففي موسمه الأول 2016-2017، كان معدل قلوب الدفاع في كل مباراة 1.63، بينما في موسم 2023-2024 (3,10). ارتفاع هذا الرقم إلى 3.10، يعكس تزايد اعتماده على المدافعين في السنوات الأخيرة، باستثناء موسم (2020-2021) (1.36).
خير دليل على هذا التحول كان نهائي دوري أبطال أوروبا 2023 ضد إنتر ميلان، حينما بدأ السيتي المباراة بأربعة قلوب دفاع، أحدهم جون ستونز، لعب كمحور ارتكاز.
أحد أبرز النماذج على هذا التحول هو الكرواتي يوشكو جفارديول، الذي أصبح أغلى صفقة قلب دفاع في التاريخ عندما انتقل إلى السيتي مقابل 90 مليون يورو من لايبزيج. لكنه لم يبقَ في مركزه التقليدي، إذ حوله بيب جوارديولا إلى ظهير هجومي قادر على التقدم إلى منطقة الجزاء، بل وتسجيل الأهداف، حيث أحرز 9 أهداف منذ انضمامه إلى النادي قبل موسم ونصف.
مع استمرار فلسفة جوارديولا التكتيكية، يبدو أن مانشستر سيتي لن يتوقف عن الاستثمار في قلوب الدفاع، ليس فقط لتعزيز الصلابة الدفاعية، بل أيضاً لتطوير أفكار جديدة تمنحه التفوق في المستطيل الأخضر.