645 مليون يورو من مبيعات اللاعبين.. ريفر بلايت مصنع المواهب الذي لا ينضب

في خضم منافسات كأس العالم للأندية، تتجه الأنظار نحو فرانكو ماستانتوونو، الجوهرة الجديدة في كرة القدم الأرجنتينية، والذي وقع رسميًا لريال مدريد بعد تألقه اللافت مع ريفر بلايت. وسيلتحق النجم الشاب بالنادي الملكي فور انتهاء مشاركته في هذه البطولة الدولية، ليكتب بذلك فصلًا جديدًا في العلاقة التاريخية التي تربط بين الناديين العملاقين.
رغم أن عمره لا يتجاوز 17 عامًا، فإن ماستانتوونو سيصبح اللاعب الـ13 الذي يدافع عن ألوان ريفر بليت وريال مدريد، مقتفيًا أثر أساطير مثل ألفريدو دي ستيفانو، غونزالو هيغواين، خافيير سافيولا، إستيبان كامبياسو، وسانتياغو سولاري… كما سيكون خامس لاعب ينتقل مباشرة من ريفر بلايت إلى البرنابيو، وسادس لاعب يتدرج في أكاديمية “المليونيرات” ويرتدي القميص الأبيض.
ماستانتوونو خطف الأضواء منذ ظهوره الأول، خاصة في 27 أبريل الماضي، حين سجل هدفًا رائعًا من ركلة حرة في “السوبر كلاسيكو” ضد بوكا جونيورز، في مباراة حضرها 85,018 مشجعًا في ملعب “ماس مونومنتال” – رقم قياسي في تاريخ اللقاء. وفي عام 2025 وحده، سجل 7 أهداف وقدم 4 تمريرات حاسمة، ليكون اللاعب الأرجنتيني تحت 23 عامًا الأكثر تأثيرًا في السنة الجارية.
موهبة ماستانتوونو لم تمر مرور الكرام على مدرب المنتخب الأرجنتيني ليونيل سكالوني، الذي استدعاه للفريق الأول، ليصبح ثاني أصغر لاعب يُستدعى في عهد سكالوني (بعد فالنتين كاربوني). وبعد مشاركته الرسمية الأولى ضد تشيلي في تصفيات كأس العالم 2026، دخل التاريخ كأصغر لاعب يُشارك رسميًا مع المنتخب الأرجنتيني.
ريفر بلايت مصنع لا ينضب للمواهب
صعود ماستانتوونو السريع لا يعكس فقط موهبته الفردية، بل أيضًا قوة منظومة التكوين في ريفر بلايت، التي تُعد من بين الأكاديميات الأكثر إنتاجًا للمواهب عالميًا. هذا النظام أنجب نجومًا مثل مونتييل، بيتزيلا، غيدو رودريغيز، إنزو فرنانديز، بالاسيوس، وجوليان ألفاريز – أبطال العالم في مونديال قطر 2022.
نموذج التكوين في ريفر تخطى حدود الأرجنتين. وفقًا لمرصد (CIES) لكرة القدم، فإن ريفر هو أكثر نادٍ غير أوروبي صدر لاعبين إلى البطولات الخمس الكبرى منذ 2005، بإجمالي 51 لاعبًا. كما يتصدر قائمة الأندية اللاتينية من حيث العائدات من بيع اللاعبين في القرن الـ21، بمجموع 645 مليون يورو، متقدمًا على بوكا جونيورز (533) وساو باولو (524). وستُصبح صفقة ماستانتوونو (45 مليون يورو) الأغلى في تاريخ الدوري الأرجنتيني.
تحت رئاسة خورخي بريتو منذ 2021، شهد ريفر بليت تحولًا مؤسساتيًا ضخمًا، باستثمارات بلغت 200 مليون دولار في البنية التحتية، أبرزها تجديد ملعب “ماس مونومنتال” الذي أصبح مقرًا دائمًا للمنتخب الأرجنتيني، واستقبل أكثر من 80 مباراة متتالية بشعار “كامل العدد”. كما سجل عام 2024 رقمًا قياسيًا في الحضور الجماهيري العالمي بمتوسط 84,025 مشجعًا للمباراة الواحدة، متفوقًا على “سيغنال إيدونا بارك” معقل دورتموند.
هذه الطفرة شملت أيضًا الجانب المالي، حيث حقق النادي أرباحًا قياسية بلغت 62 مليون دولار، وبلغت ثروته الصافية 250 مليونًا. وتوزعت الإيرادات على النحو التالي: 70% من الاشتراكات وتذاكر المباريات، 22% من العائدات التجارية (حقوق التسمية، الأحداث، الرعايات، الضيافة)، و8% فقط من حقوق البث، ما يعكس استقلالًا ماليًا قويًا.
إلى جانب كرة القدم، يستضيف “المونومنتال” ما بين 10 و15 حدثًا سنويًا، ويحقق ما يقارب 830 ألف دولار من كل فعالية. كما يدر متحف النادي والجولات السياحية قرابة 4 ملايين دولار سنويًا. ويضم نظام (RiverID) أكثر من 1.3 مليون مستخدم مسجل، ما ساهم في تضاعف عدد المنخرطين، ليصبح ريفر ثالث أكثر الأندية عددًا في العالم بـ350 ألف عضو.
صفقة ماستانتوونو تؤكد أيضًا عمق العلاقة بين ريفر وريال مدريد، والتي تجلت في زيارة رئيس ريفر خورخي بريتو ونائبه إغناسيو فياروييل لملعب سانتياغو برنابيو في 30 مارس، حيث قدما قميص النادي الرسمي إلى فلورنتينو بيريز.
وبعد أن أشرف على تدريب إزيكيل بالاسيوس في باير ليفركوزن، سيشرف تشابي ألونسو على ماستانتوونو في ريال مدريد، الذي يحذو حذو أسطورتي النادي: دي ستيفانو، الفائز بخمس كؤوس أوروبية وبلقبين للكرة الذهبية و308 أهداف، وهيغواين الذي سجل 121 هدفًا وتوج بثلاثة ألقاب دوري.
بينما يستعد ماستانتوونو لبدء رحلته في أوروبا، يواصل ريال مدريد الاستثمار في الشباب، ويُثبت ريفر بليت مجددًا مكانته كمنجم لا ينضب للمواهب. شراكة تاريخية وحاضرة تعد بأن تواصل تأثيرها في مسار كرة القدم العالمية.