أخباراقتصاد رياضيالانتقالات الصيفية 2025الرئيسيةفيديو وإحصائياتملخصات المبارياتمواعيد المباريات

لا أحد يشبه توني كروس… فوضى الوسط تفضح أزمة ريال مدريد

غادر توني كروس نادي ريال مدريد في واحدة من أجمل لحظات الوداع التي حظي بها لاعب كرة قدم على الإطلاق؛ مع أطفاله في الملعب، ومدرجات ممتلئة بعاطفة الجماهير، ومع وعد تم الإيفاء به: الفوز بلقب دوري أبطال أوروبا إضافي. رحل اللاعب الألماني إلى الأبد، متمسكًا بالفكرة التي طالما راودته، أن يغادر وهو لا يزال رمزًا وقائدًا، لا أن يُنهِي مسيرته العظيمة بنهاية فوضوية تفسد تاريخه. لقد كان وداعًا مثاليًا يتماشى مع رؤيته الخاصة للعالم. ومع أن كل ذلك تحقق، فلا أحد يشك في أن ريال مدريد كان سيكون أفضل حالًا لو استمر توني كروس في صفوفه، حتى وإن تراجع مستواه بعض الشيء.

عند رحيل كروس، كان من المفترض أن تُعلن حالة الطوارئ بحثًا عن بديل، فخسارة لاعب بتلك القيمة تتطلب تحركًا سريعًا لاحتواء الضرر. لكن في مكاتب ريال مدريد، بدا أن الأمر قد تم التخطيط له مسبقًا، وأن البدائل جاهزة داخل الفريق دون الحاجة للجوء إلى السوق. ربما قالوا لأنفسهم: “نعم، كروس سيرحل، لكن التشكيلة الحالية كافية”.

ربما كان التخطيط قائمًا منذ فترة، لكن المشكلة التي واجهها مسؤولو النادي أن نوع كرة القدم التي تخيلوها لم تكن هي التي فرضت نفسها لاحقًا. كانوا يظنون أن تطور كامافينغا وتشواميني وفالفيردي سيقود الفريق نحو نسخة جديدة أكثر ديناميكية، قوامها لاعبو وسط قادرون على تغطية مساحات شاسعة بفضل كرة قدم بدنية وسريعة، لا تترك مجالًا للهدوء أو الإيقاع البطيء.

لكن ذلك الحلم لم يتحقق، ولا يزال للهدوء والاتزان مكان في عالم الكرة. لاعبان مثل بيدري وفيتينيا – وكلاهما وصلا إلى نصف نهائي دوري الأبطال هذا الموسم – يجيدان التحكم في نسق المباراة، تسريعها عند الحاجة، وتهدئتها عندما يتطلب الأمر. اللاعبون الثلاثة الذين عوّل عليهم ريال مدريد لمستقبل خط الوسط – فالفيردي، تشواميني، وكامافينغا – هم بلا شك لاعبون مميزون، قادرون على تقديم الكثير، لكن لا أحد منهم يشبه توني كروس.

في الصيف، حصل فالفيردي على الرقم 8، وظن أنه قادر على لعب نفس الدور. كانت علاقته بتوني كروس شبيهة بعلاقة الأب بابنه، معلم وتلميذ كما تحب السينما تصويرها، لكن الواقع كان مختلفًا. حتى من حوله بدوا وكأنهم يطالبون له بدور لا يستطيع أن يلعبه. ورغم امتلاكه لمواهب كبيرة، إلا أن قيادة فريق داخل الملعب ليست إحداها. وفريق بلا قيادة هو مشروع فاشل في مضمونه.

أما أقرب اللاعبين شبهًا بكروس، فقد كان داني سيبايوس، وهذا ما جعل غيابه المتكرر يولّد شعورًا لدى الجماهير بأنه هو المسكّن الذي يحتاجه ريال مدريد في أوقاته الصعبة. وفي بعض اللحظات، قدم بالفعل لمحات تؤكد ذلك. وربما يعتمد نجاح الفريق هذا الموسم على عودته لتلك اللمحات، لكن في النهاية، لا يمكن اعتباره لاعبًا موثوقًا يعتمد عليه بشكل دائم. مستواه جيد، لكنه ليس بالمستوى الذي يسمح له بقيادة “سفينة” بهذا الحجم.

وينضم إلى هذه المعادلة لوكا مودريتش، الذي لم يُطلب منه أبدًا أن يكون كروس آخر، لأنه لطالما لعب بجواره، كما أن عمره الآن لا يسمح إلا بتقديم “نسخة غروب الشمس” من نفسه، لاعب للّحظات وليس للّقاءات الكاملة. على عكس زميله الألماني، اختار مودريتش أن يطيل مسيرته لأقصى حد ممكن، لأنه ببساطة يعشق كرة القدم ولا يريد مغادرتها. لكنه، رغم مكانته الأسطورية التي لا جدال فيها، لم يعد عنصرًا قادرًا على تغيير وجه الفريق بمفرده.

هذا الارتباك في خط الوسط كشف أيضًا عن مشكلة فكرية؛ فالفكرة التي بُني عليها المشروع لم تكن متوافقة مع المدرب المُكلّف بتنفيذه. كرة القدم البدنية التي تعتمد على الضغط ليست البيئة التي يُبدع فيها أنشيلوتي، لاعب الوسط السابق في الثمانينات، الذي لطالما فضّل السيطرة والاتزان على المغامرة والفوضى. في نظره، مباراة مفتوحة قد تكون ممتعة، لكن لتحقيق البطولات تحتاج إلى “ريجيستا” بين نجومك.

فلورنتينو بيريز، رئيس النادي الذي جدد ولايته مؤخرًا، كان هو من آمن بذلك المشروع الطموح؛ تخيل فريقًا مثل فرقة “هارد روك”، قويًا وسريعًا، لكنه كلّف بقيادته مدربًا لا يؤمن تمامًا بهذه النغمة. أنشيلوتي، بكل خبراته وإنجازاته، لم يتماشَ مع تلك الرؤية الفنية.

وفي محاولة لسد هذا الفراغ، لجأ النادي إلى بعض الحلول المبتكرة، مثل التفكير في تحويل أردا غولر إلى لاعب وسط، على غرار ما فعله مودريتش. لكن المدرب لم يقتنع أبدًا بتلك الفرضية. ربما نيكو باز كان أكثر ملاءمة، لكن من الصعب تخيل أن أنشيلوتي كان سيجازف به. ماركو أسينسيو يظل المثال الوحيد الحديث على نجاح أحد الشباب في الفريق الأول، وحتى ذلك تحقق بترتيب غريب من الظروف.

جاءت الهزيمة الأقسى هذا الموسم، لكنها لم تكن مفاجئة. ريال مدريد خرج من دوري الأبطال، بعدما بدأ الموسم كمرشح للفوز. والآن، تسود حالة من الحنين لتوني كروس، الذي يظهر في الإعلانات، كتذكير دائم لمن يعتقد أن الفريق يمكن أن ينساه. كان من المستحيل تعويضه، لكن المشكلة أن النادي لم يحاول أصلًا.




“ترانسفير ميركاتو” متواجد الآن على “واتس اب” و “تليجرام”! لقد أطلقنا قناتين إخباريتين مخصصتين لآخر أخبار الانتقالات.. هنا يمكن متابعة آخر الأخبار من مصادر موثوقة وأسرع من أي مكان آخر… كل ما عليك فعله للتسجيل هو النقر على رابط القناة للانضمام إلى “واتس آب” (هنا)، وللانضمام إلى قناة “تليجرام” (هنا). 

زر الذهاب إلى الأعلى