بين شرط الأقدمية والضمان المالي.. كيف يترأس فلورنتينو بيريز ريال مدريد دون منافس؟
أعلن نادي ريال مدريد اليوم الأحد، عبر موقعه الرسمي على شبكة الأنترنيت، وحساباته على مواقع التواصل الاجتماعي، عن إعادة انتخاب فلورنتينو بيريز رئيساً للنادي لولاية جديدة، هي الخامسة على التوالي، دون المرور عبر صناديق الاقتراع، بعدما لم يتم تقدم أي مرشح آخر لمنافسته، حتى يوم السبت آخر أجل لتقديم الترشيحات.
وسيبقى بذلك فلورنتينو بيريز رئيساً لريال مدريد لمدة 4 سنوات أخرى، حتى عام 2029، حين يكون في عمر 82 عاماً.
هذا الوضع الذي يتميز بالهدوء الاجتماعي أو غياب المنافسة، يتناقض بشكل كبير مع الأندية الإسبانية الأخرى مثل برشلونة، وأتلتيك بيلباو، حيث تُجرى انتخابات شاملة تضم مرشحين متعددين كل 4 سنوات.
قوانين صارمة للمشاركة في انتخابات رئاسة ريال مدريد
تُعزى هذه الظاهرة إلى اللوائح الصارمة التي يفرضها ريال مدريد في نظامه الأساسي، والتي تجعل الترشح لمنصب الرئاسة أكثر تعقيداً من الأندية الأخرى. تشمل الشروط العامة ما يلي:
ـ أن يكون المرشح إسباني الجنسية.
ـ أن يكون بالغاً.
ـ ألا يكون قد تعرض لعقوبات تُحرمه من الترشح.
ـ أن يكون منتظماً في دفع اشتراكات العضوية.
ـ ألا يكون لديه منصب إداري في نادٍ آخر أو لاعباً محترفاً.
وتعد هذه شروط في المتناول لأغلب الأعضاء، لكن الشرطين الأكثر صرامة هما:
1 ـ شرط الأقدمية: بعد تعديل اللوائح في 2012، أصبح على المرشح للرئاسة أن يكون عضواً في النادي لمدة 20 عاماً على الأقل.
ـ للنواب: 15 عاماً.
ـ لبقية أعضاء مجلس الإدارة: 10 سنوات.
وبالمقارنة، برشلونة يتطلب 10 سنوات فقط، وأتلتيك بيلباو، وأوساسونا، يطلبان عاماً واحداً فقط.
وبرر فلورنتينو بيريز هذا التغيير بحماية النادي من أي مستثمرين خارجيين قد يحاولون تحويله إلى مشروع استثماري بحت. لكن البعض أشار إلى أن هذا الشرط ساعد بيريز على استبعاد منافسين محتملين.
2 ـ شرط تقديم الضمان المالي:
يُطلب من المرشح تقديم ضمان مالي بقيمة 15% من ميزانية النادي، ويصل حالياً إلى حوالي 165 مليون يورو، بناءً على الميزانية الحالية للنادي البالغة 1.1 مليار يورو. هذا الضمان يجب أن يكون مدعوماً بملكية شخصية، دون الاعتماد على كفلاء أو رعاة خارجيين.
مقارنة ببرشلونة، لم يكن مطلوباً تقديم ضمان مسبق قبل الانتخابات، إذ يُمكن للمرشحين الالتزام بتوفير الضمان بعد الفوز. هذا الأمر جعل عملية الترشح أسهل بكثير، وهو ما استفاد منه خوان لابورتا في الماضي.
وألغت القوانين الإسبانية الحديثة شرط الضمان المالي في 2022، معتبرة أن الرقابة المالية الحالية تجعل الضمان غير ضروري. ومع ذلك، لا يزال ريال مدريد يفرض هذا الشرط كجزء من نظامه الأساسي، وهو أمر قانوني تماماً وفقاً للمادة 74 من القانون، التي تمنح الأندية الرياضية حرية وضع شروطها الداخلية.
وبرر ريال مدريد استمراره في فرض هذه اللوائح بأنها تحمي النادي من المخاطر المالية وتُحافظ على استقلاليته ككيان رياضي وليس كشركة مساهمة. وقد أيدت المحكمة العليا الإسبانية هذه اللوائح في حكم صدر عام 2018، بعد اعتراضات قانونية من بعض أعضاء النادي.
الضمان المالي عقبة تتحطم عليها أحلام الطامعين في خلافة فلورينتينو بيريز
يشكل شرط الضمان المالي عقبة كبيرة أمام أولئك الذين يحلمون بأن يصبحوا رؤساء لنادي ريال مدريد. هذا الشرط يجعل الطريق إلى الرئاسة شبه مستحيل للأغلبية الساحقة.
وتعود جذور هذا الشرط إلى قانون 1990، عندما كانت أندية كرة القدم كيانات صغيرة ذات ميزانيات متواضعة وعدد قليل من الموظفين.
وبفضل الإدارة الناجحة لفلورنتينو بيريز خلال السنوات الماضية، ارتفع حجم ميزانية ريال مدريد بشكل كبير، مما جعل متطلبات الضمان المالي (15% من الميزانية) صعباً للغاية. ومع استمرار نمو النادي، يتضاءل عدد المؤهلين للوفاء بهذا الشرط.
وحتى لو امتلك المرشح الثروة المطلوبة لتقديم الضمان، فإنه يحتاج إلى التعامل مع بنك إسباني للحصول على الضمان. هذه العملية مكلفة، وتعتبر “خسارة مالية مؤكدة” لأن المرشح قد ينتهي بخسارة الانتخابات بعد أسابيع قليلة. هذا يجعل الكثيرين يترددون في خوض الانتخابات، خاصة في ظل الشعبية الجارفة لبيريز.
شعبية فلورنتينو بيريز وتأثيرها
يعتبر فلورنتينو بيريز شخصية ذات شعبية كبيرة بين جماهير ريال مدريد. ويجري بيريز بشكل منتظم استطلاعات للرأي بين أعضاء النادي لمعرفة اهتماماتهم وتقييم إدارة النادي، وغالباً ما تكون النتائج إيجابية.
ويتميز النادي باقتصاد قوي، حتى خلال جائحة كورونا، بالإضافة إلى مشروع الملعب الجديد، ومنشأة تدريب حديثة، وتاريخ حافل بالألقاب والتعاقدات الكبيرة.
هذه النجاحات جعلت بيريز شخصية جامعة للمشجعين حول إدارته. لهذا السبب، يفضل معظم المرشحين المحتملين تجنب الترشح في ظل وجوده، نظراً لاحتمالية الهزيمة الساحقة.
ومن المتوقع أن تعلن نتائج الانتخابات رسمياً في 7 يناير خلال اجتماع مجلس الإدارة. إذا سارت الأمور كما هو متوقع، فلن يتقدم سوى مرشح واحد، وهو فلورنتينو بيريز. وسيبقى بيريز رئيساً للنادي لمدة 4 سنوات إضافية، دون أي مفاجآت أو منافسات حقيقية.
العملية الانتخابية في ريال مدريد تبدو مملة نسبياً بسبب مزيج من القوانين التقييدية والشعبية الجارفة لفلورنتينو بيريز، الذي يظل المرشح “الذي لا يُهزم”. هذا الوضع يجعل من الصعب تصور انتخابات تنافسية حقيقية طالما أن بيريز في المشهد.
