لماذا المدربين أرخص من اللاعبين في عالم كرة القدم؟

في أغسطس 2022، دفع تشيلسي لبرايتون 55 مليون جنيه استرليني (63.6 مليون دولار)، لضم الظهير الأيسر الإسباني مارك كوكوريلا. وفي الشهر التالي، دفعوا لبرايتون أقل من نصف ذلك (22 مليون جنيه استرليني) للتعاقد مع مدربهم غراهام بوتر، الذي كان أول المدربين في “ستامفورد بريدج” تحت قيادة المالك الجديد تود بوهلي.
وفي يوليو من نفس العام (2022)، دفع أستون فيلا 26 مليون جنيه استرليني لمدافع إشبيلية البرازيلي دييجو كارلوس. وعاد أستون فيلا للتسوق في الدوري الإسباني في نفس الفترة، ليبرم تعاقداً أكثر أهمية، بالتوقيع مع المدرب أوناي إيمري من فياريال. هذه المرة، دفعوا للنادي الإسباني 5.2 مليون جنيه استرليني فقط كتعويض.
الرقم الذي دفعه تشيلسي مقابل غراهام بوتر، يتجاوز الـ 20 مليون يورو (17.2 مليون جنيه استرليني، 19.9 مليون دولار)، التي دفعها بايرن ميونيخ لـ لايبزيج مقابل التوقيع مع مدربه السابق جوليان ناجيلسمان في عام 2021.
يتمتع المدربون الثلاثة بسير ذاتية كبيرة، تجعلهم من بين أبرز المدربين في العالم، فلماذا كان التعاقد معهم أرخص بكثير من معظم لاعبي النخبة؟
لماذا تتعاقد الأندية وتتخلى عن مدربيها مقابل رسوم أقل بكثير، من تلك التي يتم دفعها للاعبين الـ 25 الذين أوكلت إليهم مهمة قيادتهم وتحسينهم؟
اقرأ أيضاً.. تشيلسي يجعل جراهام بوتر ثاني أغلى مدرب في التاريخ
فلماذا المدربين أرخص من اللاعبين في عالم كرة القدم؟
العقد بين المدرب والنادي قائم على مسألة المعاملة بالمثل، ترغب الأندية في وضع شرط جزائي في عقد مدربها، وبالمثل يطلب المدرب وضع شرط جزائي في عقده بنفس القيمة، يدفع له في حال التخلي عن خدماته. ولأنه من المرجح أن يقوم النادي بإقالة المدرب أكثر من استقالته، تفضل الأندية وضع شرط جزائي منخفض قدر الإمكان.
في بعض الحالات التي لا يتم فيها وضع شرط جزائي بين الطرفين، وفي حال قرر النادي إقالة المدرب قد يضطر إلى دفع القيمة المتبقية للعقد، والتي يمكن أن تكون باهظة الثمن، إذا كان المدرب قد وقع للتو على عقد جديد.
وهناك مسألة أخرى تبرر لماذا اللاعبين أغلى من المدربين في كرة القدم. وهي أنه في حال تعاقد نادٍ مع مدرب كبير بمبلغ ضخم، فإنه في حال فشله لا يمكن بيعه لنادٍ آخر واستعادة مبلغ ضمه بالكامل أو جزء منه فقط، في حين يحدث العكس عندما نتحدث عن اللاعبين، الذين في حال فشلهم مع النادي يمكن بيعهم وتحصيل مبلغ ضمهم بالكامل أوجزء كبير منه.
كما يعد الهيكل التقليدي لبيع وشراء اللاعبين عبر نوافذ الانتقالات، قضية رئيسية أخرى تصنع الفرق بين قيم اللاعبين والمدربين التسويقية. في حال فشل لاعب أو رغبته في المغادرة لنادٍ آخر، فهناك وقت أمام النادي البائع لهندسة صفقة مربحة للتخلص منه، عكس المدربين الذين لا يرتبطون بنوافذ انتقالات، فبمجرد رغبتهم في المغادرة، أو الحصول على عرض من أحد الأندية المشترية، وغالباً ما يكون ذلك خلال ذروة الموسم، ويفضل النادي أخذ أي أموال بسرعة بدلاً من وجود مدرب يدرب الفريق لا يركز بشكل كامل على وظيفته.
ومن الصعب جداً على الأندية أن تقول لا عندما يرغب المدرب في الرحيل لنادٍ آخر، لأنه بشكل تلقائي يصبح لعدم رغبته في البقاء تأثير على نتائج الفريق، وقيامه بوظيفته بالشكل الصحيح، لأنه أهم شخص في نجاح المنظومة. الضرر الذي يلحقه مدرب غير مستقر يمكن أن يكون أسوأ من اللاعب المنفرد الساخط.
ووفقاً لدراسة حديثة نشرتها صحيفة “ذا أتلتيك“متوسط الوقت الذي يقضيه مدرب في النادي الآن هو 15 شهراً. لذلك هذا يوضح المخاطر التي سوف تترتب عن التعاقد مع مدرب بمبلغ كبير ومنحه عقداً طويل الأجل، وهذا يجلب المزيد من المخاطر على الأندية، مقارنة بصفقات اللاعبين الكبيرة.
السبب الأخير والمهم أيضاً، هو صفقات الرعاية الفردية للاعبين، التي تضيف قيمة إلى أنديتهم. على سبيل المثال خسر برشلونة 70 مليون يورو في صفقة رعاية واحدة عندما غادر ليونيل ميسي.
“يتمتع اللاعبون الكبار بكونهم الوجه الإعلامي لعلامات التجارية رائدة، وعندما يكونون في أحد الأندية، يمكن أن يجذب ذلك المزيد من الاهتمام والصفقات الأخرى إلى أنديتهم. لذلك عندما يضطرون لبيع لاعب من هذه النوعية، فإنهم يطلبون رسوماً أعلى للتعويض عن الخسائر التجارية.
اللاعبون هم أيضاً سلعة نادرة لأن لديهم مسيرة قصيرة مقارنة بالمدربين. قد يكون اللاعب في أوج نشاطه لمدة 5 سنوات بينما يمكن أن يكون المدرب لمدة 20 عاماً.
قد تبدو فجوة كبيرة بشكل مثير للفضول بين رسوم انتقال المدربين واللاعبين، لكن قلة من المدربين الذين يشتكون من ذلك، ما يؤكد على أن الوضع الراهن يناسب الجميع.